السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طابت أوقاتكم بكل خير أصدقاء Researchable.
بعد أن تعرفنا في الأشهر الماضية على العديد من الجوانب المهمة فيما يخص آليات البحث العلمي واختيار المجلات المناسبةدوغيرها.. ننتقل اليوم معكم لجانب مختلف لا يقل أهمية عن سابقه، ألا وهو أخلاقيات البحث العلمي، وما يتعلق به من شروط وأحكام ترتبط ارتباطًا وثيقًا برحلة البحث العلمي
عادةً ما يتم تدريس مقرر أخلاقيات ممارسة المهنة خلال سنوات البكالوريوس لمعظم التخصصات الصحية، ومن أبرز موضوعات هذا المقرر هو أخلاقيات البحث العلمي، نظرًا لكونه جزءًا لا يتجزأ من ممارسة المهنة.
إذًا، ماذا نقصد بأخلاقيات البحث العلمي؟
ببساطة، هي مجموعة من المبادئ التي توجه الممارسات البحثية. والتي يجب على الباحثين الالتزام بها دائمًا خلال إجراءهم لأبحاثهم. هذه المبادئ تعمل على حماية حقوق المشاركين في الأبحاث، تعزيز الصلاحيات البحثية، والحفاظ على النزاهةالعلمية.
وبرغم أن تدوينتنا اليوم تركز بشكل أساسي على أخلاقيات البحث في الأبحاث البشرية، لكن الاعتبارات الأخلاقية مهمة أيضًا في الأبحاث التي تجرى على الحيوانات.
فمثلًا، تضمن هذه المبادئ أن المشاركة في الأبحاث تكون طوعية، آمنة، وبعد موافقة مسبقة من قبل المشاركين، كما تحرص على منع حدوث ضرر دائم أو مفرط للمشاركين، سواء كان ذلك عن غير قصد أم لا. هذه كلها تعد مسلمات في المجال الطبي البحثي ولا تقبل التنازل بحالٍ من الأحوال، وتذكروا دائمًا، حتى وإن كانت فكرة البحث ذات قيمة للمجتمع، فإنها لا تبرر انتهاك الحقوق أو إحداث الضرر.
كيف يتم تطبيق هذه المبادئ عمليًا؟
في الأبحاث الإكلينيكية التي تعتمد في بياناتها على استخدام لبيانات المرضى، أو تشتمل على تجارب على عنصر بشري أو حيواني، فإن الحصول على موافقة لجنة أخلاقيات البحث العلمي (IRB) Institutional review board committee هي شرط أساسي قبل البدء في أي بحث من هذا النوع، حيث يترتب على الباحث تقديم المقترح البحثي الخاص به (Proposal) إلى هذه اللجنة التي بدورها تتحقق مما إذا كانت أهداف البحث وتصميمه مقبولة أخلاقيًا أم لا.
إذا كانت كذلك، فسيحصل الباحث على موافقة IRB ويُعطى رقمًا يثبت حصوله علبها، ويمكنه البدء في جمع البيانات وإكمال بقية خطوات البحث. أما في حالة الرفض ووجود أي مشكلة تمس بهذه المبادئ الأخلاقية، فقد يُطلب من الباحث تعديل ما يلزم تعديله وإعادة التقديم مجددًا، أو قد يتم رفض المقترح البحثي بشكل نهائي.
هذه الموافقة ليس فقط مفتاحًا للباحث لإكمال متطلبات بحثه، بل هي ضمان للمشاركين حين يطلب منهم المشاركة أو تعبئة استبيان لبحث ما، وجود رقم لجنة الأخلاقيات البحثية هو بمثابة ختم لموثوقية البحث ونزاهته الأخلاقية بألا يتم استخدام هذه المعلومات إلا للأغراض البحثية، وتضاعفت أهمية هذه الموافقة حتمًا في هذا الزمان الذي ازدادت فيه ضرورة أمن المعلومات وحمايتها من التلاعب أو التسريب أو استخدامها لأغراض أخرى خارج نطاق البحث.
هل موافقة لجنة الأخلاقيات هي متطلب لجميع أنواع الأبحاث؟
كما ذكرنا، فإن هذه الموافقة هي شرط أساسي لاستكمال الأبحاث التي تحتوي بياناتها على عنصر بشري أو حيواني. ويستثنى منها عدة أنواع:
هي تقارير الحالات (Case Reports/ Series) وأبحاث المراجعات بأنواعها (Narrative/ Systematic Reviewes)
حيث أن تقارير الحالات هي تقارير فردية وبالتالي لا تتطلب سوى موافقة مسبقة من المريض الذي ستتم كتابة التقرير عنحالته، أما المراجعات فهي لا تتضمن جمع بيانات جديدة بل تعتمد على بيانات سابقة منشورة تمت الحصول على موافقة مسبقة لها، فلا حاجة للحصول على موافقة جديدة لمراجعة الأبحاث السابقة.
موافقة لجنة الأخلاقيات هي إنعكاس لأهمية الاعتبارات الأخلاقية التي ترتقي بالممارسات البحثية وتضمن سلامتها من الكثير من المخاوف والمحاذير التي قد يقعد فيها الباحثون خلال أبحاثهم، والتي سنناقشها بإذن الله خلال التدوينات القادمة.
دمتم بخير!
المرجع:
Kim WO. Institutional review board (IRB) and ethical issues in clinical research. Korean J Anesthesiol. 2012 Jan;62(1):3-12. doi: 10.4097/kjae.2012.62.1.3. Epub 2012 Jan 25. PMID: 22323947; PMCID: PMC3272525.